ما هي ملاحظات باسيل على الخطة المالية والإقتصادية..؟
شدد رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسل خلال “اللقاء الوطني المالي” في قصر بعبدا، على أن “مداخلتي هي قراءة أوّلية موضوعيّة للخطّة ببعض نقاط القوّة والضعف فيها، في محاولة للدعم حيث أصابت وللتصحيح حيث اخطأت، في مسار انقاذي بدأته الحكومة مشكورة لحلّ متكامل مالياً واقتصادياً واجتماعياً لكنّه لا يصل إلى مبتغاه إلاّ بتوضيحه وتصحيحه وتنفيذه من خلال أكبر مشاركة ممكنة من المعنيّين (وما أكثرهم) عبر استعادة الثقة بالدولة من قبل اللبنانيين أولاً والمجتمع الدولي ثانياً بإجراءات نوعيّة لم يعتد عليها لا نظامنا ولا تركيبتنا”.
وعدد باسيل “نقاط القوة في الخطة:
1 – أوّل وصف رسمي لحقيقة الواقع بالأرقام واعتراف بالخسائر الكبيرة.
2 – استعداد جدّي وجرأة للقيام باصلاحات بنيويّة وجوهريّة.
3 – حسم للقرار بالذهاب الى صندوق النقد ومفتاح لطريق المفاوضات معه.
4 – تمهيد الطريق للحلول مع فتح الخيارات دون حسمها نهائياً بانتظار عدّة عوامل غير مكتملة.
5 – بداية عودة الثقة من خلال كسر المحظورات والقول أنّه “مش ماشي الحال” مع المنظومة الماليّة الإقتصاديّة القائمة (حيث لا يمكن انتقاد التحليل بل يمكن انتقاد الحلول)”.
ولفت إلى أن “المحظورات المذكورة في أوّل ورقة حكوميّة رسميّة هي عديدة ومنها: استعادة الأموال المنهوبة والموهوبة والمحوّلة، إعادة هيكلة الدين الخارجي والداخلي، كسر مسلسل الاستدانة مع كلفة مرهقة ومتعاظمة لخدمة الدين، وقف سياسة الفوائد العالية المكلفة على خزينة الدولة وعلى الإقتصاد ووقف سياسة ربط سعر الصرف وتثبيته بكلفة عالية (مع الاعتراف بإخافته للناس وضرب قدرتهم الشرائيّة مع وجوب توازنها مع القدرة الحقيقيّة، ولكن مع منافعها بخفض حجم وكلفة الدين وتشجيع السياحة وزيادة الصادرات)”.
وشدد على أن “هناك عدّة نقاط قوّة أخرى، ولكن سأذكرها من ضمن نقاط الضعف لأنّه ليس معبّر عنها كفاية لناحية التوضيح والتفصيل والتنفيذ:
1 – هناك منحى عام بكائي في الورقة دون إضاءة إيجابيّة كافية على إمكانيّة الخلاص، وهناك نفَس عام غير مطمئن لناحية حماية نظامنا الإقتصادي الحرّ، وهناك توجّه عام أو تخوّف من عدم حماية القطاع الخاص والقطاع المصرفي ومنعه من السقوط”.
وتابع، “باختصار هناك فلسفة “انكماشيّة” قائمة على التدقيق والمحاسبة بهدف تسكير الخسائر فقط، بدل فلسفة “انفلاشيّة” تقوم على رؤيا اقتصاديّة وبيئة أعمال استثماريّة بهدف خلق الأرباح؛ أي أن الخطّة تسعى إلى تسكير كلّ الخسائر وكأنّها تصفّي المصرف المركزي والمصارف والإقتصاد بدل خلق ديناميّة نقديّة تسعى إلى تسكير قسم من الخسائر حسابياً فوراً ولكن تسعى في المقابل إلى تسريع دورة اقتصاديّة تؤدّي إلى تسكير القسم الباقي من الخسائر تدريجياً”.
وشدد على أن “ليس هناك أولويّة مطلقة معطاة لمحاربة الفساد واستعادة الأموال كشرط ضروري لعودة هيبة الدولة وعودة ثقة الناس بها وكمدخل ضروري لمطالبة الناس بالتضحيّة وتحمّل الأوجاع الآتية (الناس لن يتقبّلوا أن يتوجّعوا إن لم يتوجّع قبلهم السياسيين بمصالحهم والفاسدين بارتكاباتهم)”.
وأضاف، “مثال على ذلك: هناك فقرة حذفت نهائياً من النص الأساسي يوم إقرار الخطّة في مجلس الوزراء وتنص على “أن جميع العمليات المصرفيّة بقيمة مليون دولار وما فوق والعائدة بصورة عامّة إلى أشخاص تعاطوا سابقاً أو لا يزالوا يتعاطون العمل السياسي، الذين استفادوا من أي احتكار منظّم بالقانون، كلّ من كانوا ولا يزالوا يملكون تراخيص امتياز لإدارة موارد طبيعية أو عامّة، كبار المساهمين في المصارف الذين يملكون أكثر من 5% من الأسهم، أعضاء مجالس الإدارة في المصارف والمدراء العامون فيها وفي مصرف لبنان؛ جميع هؤلاء يخضعون لمراجعة إلزاميّة لحساباتهم على امتداد الثلاثين سنة الماضية ابتداءً من الآن وأي عمليات مشبوهة تحال إلى الجهات القضائيّة المختصّة وتمّ استبدالها بالنص التالي: “الأموال والأصول المحصّلة بشكل غير شرعي في كل الميادين وخاصة من قبل الـPEP سيتم استعمالها للتعويض عن الخسائر”.
وأشار إلى أن “بموضع توزيع الخسائر، أنا تحدّثت سابقاً عن “توزيع عادل” لها، يتوزّع بالأولويّة على الفاسدين السارقين، المستفيدين الجشعين، المصارف، أصحابها والمساهمين فيها، المصرف المركزي، الدولة بسياساتها ورجالاتها (وليس بأصولها وأملاكها) وقاعدة التوزيع يجب أن تستند إلى 3 معايير: المسؤوليّة، الإستفادة و الحجم. لكن بالنهاية الدولة بسياساتها المصنوعة من رجالاتها هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن ترك كل هؤلاء يرتكبون (الفاسدين والمستفيدين والمصارف والمصرف المركزي ورجالات الدولة)، ولا يمكنها أن ترمي باللائمة عليهم وتتنصّل هي”.
وشدد على أن “ليس على الدولة أن تقتطع الودائع من أحد (صغير أو متوسّط أو كبير)، بل عليها أن تدخل كوسيط عادل بين المصارف والمودعين”.
وقال، “لا اقتطاع من ودائع اللبنانيين، من أي أحد، لأن الودائع فقدت أصلاً، بل على الدولة العمل على إعادة تكوينها وإعادتها إلى أصحابها”.
وتابع، “لا يمكن أن ترمي الدولة بالخسائر فقط على المصارف وعلى المودعين الكبار (بحجّة أنّهم فقط 2%). بل عليها أن تتحمّل معهم وتساهم من دون تحميل الأجيال القادمة، (أصلاً لا يمكن تسكير الخسائر من دون مشاركة الدولة)، وذلك من خلال إيجاد آليّة ذكيّة ومتحرّكة بخلق صندوق ائتماني سيادي يملك جزء من أصول الدولة واملاكها القابلة للتصرّف وللإستثمار وتترك الخيار للمودعين بالإكتتاب فيه وتحصيل أرباح محصورة/محدودة فيه، كما تترك الخيار للمصارف بالإكتتاب فيه وتفتح الباب للمستثمرين مع أولويّة للمنتشرين للإكتتاب فيه عبر أسهم تفاضليّة بأرباح أكبر ممّا يؤدّي إلى ضخ أموال جديدة مطلوبة، دون أن تتخلّى الدولة عن حقّها السيادي، ودون أن تبيع الدولة هذه الأصول بل تتشارك فيها مع القطاع الخاص الذي يديرها بشكلٍ أفضل وأفعل منها وذلك لمدّة محدّدة من الزمن (25 سنة مثلاً)، فاتحةً الباب لتفعيل بورصة بيروت ولبيع هذه الأسهم وتناقلها؛ كما تترك للمودعين خيارات أخرى كاللإكتتاب في أسهم المصارف، أو الحصول على سندات اكتتاب، أو تجميد أموالهم لفترة معيّنة بفوائد منخفضة جداً أو الاقتطاع منها عبر ضريبة الثروة او … أو”.
وشدد على أن “المهمّ أن تكون الدولة عادلة دون أن تكون جبريّة بقوانين واجراءات جائرة وذلك لتتمكّن من أن تستعيد الثقة بالإقتصاد وبنظامها النقدي والمصرفي”.
أشار إلى أن “هناك تناقضات عدّة يجب معالجتها وأذكر قسم قليل منها: فرض ضرائب إضافيّة على اقتصاد منكمش أساساً مما يزيد من انكماشه، في الوقت الذي لا نحصّل الضرائب الموضوعة أساساً، شطب موجودات (equity) المصارف بالكامل (بما يضرب الثقة بها وبإمكانيّة الاستثمار فيها) في الوقت المطلوب منها أن تقوم بالرسملة. (من أين حصول المصارف على 62 مليار دولار بعد شطب أموالها ومن اين لها الحصول على 7-8 مليارات لإعادة الرسملة) وتصغير وتحجيم القطاع المصرفي بشروط قاسية فيما المطلوب تحسين خدماته وزيادة المنافسة وتشجيعه لإتباع سياسة الإقراض للقطاعات المنتجة”.
واعتبر أن “هناك ضعف في التشديد على عدّة نقاط: ذكر النازحين السوريين وكأنّه من باب رفع العتب فيما هو أساسي بتكبيدنا الخسائر المالية المقدّرة بـ 43 مليار دولار، ولا يمكن لاقتصادنا أن يقوم من دون خطّة واضحة لعودتهم الكريمة والآمنة والمنظمّة إلى بلدهم، وجوب تنفيذ واضح وسريع للـ Capital controlمن خلال تشريع بسيط بوقف التحاويل إلى الخارج بإستثناء المثبّتة على أنّها تعود للطلاب والإستشفاء واستيراد المواد الأساسيّة والمواد الأوليّة للصناعة وباستثناء الأموال الجديدة (Fresh Money) ويجب وقف هذا النزف المستمرّ لإحتياطنا النقدي الإستراتيجي، غير واضحة الجديّة بتخفيف كلفة القطاع العام والإجراءات المطلوبة لذلك، ولا هي جديّة قضيّة الهدر في المؤسسات كتسكير الـ 73 صندوق ومؤسسة غير المنتجة، بالرغم من وضوح التوجّه للإنتقال إلى الإقتصاد المنتج عبر خطة ماكينزي، إلاّ أنّه لا وجود لجدول وبرمجة وآليّات محدّدة لتنفيذ أولويّأت الإنتقال كتحديد زراعات وصناعات معيّنة وأوجه محدّدة للسياحة الداخلية وغيره وبالرغم من وجود إجراءات اقتصاديّة قصيرة المدى لتحسين بيئة الأعمال إنّما ليس هناك خطوات محدّدة للإصلاحات المطلوبة، كتشجيع وتسهيل التصدير”.
وأشار إلى أن ” في النهاية، يبقى الكثير لذكره لولا الوقت؛ إنّما نختصر لنقول أنّ الأزمة كبيرة ولكن الفرصة أكبر لتصحيح ما عجزنا عنه سابقاً في سياسات نقديّة مشجعّة لاقتصاد منتج وفي سياسات مالية هادفة لتصفير العجز المزدوج في ميزانيّتنا واقتصادنا، في سياسات إنمائيّة تؤمّن للبنانيين خدمات جيّدة وتساويهم ببعضهم في الكهرباء والماء والمواصلات والإتصالات”.
وشدد على أن “الفرصة لنعود إلى لبنان الـ 50 – لبنان الآباء المؤسسين، لبنان الطبقة الوسطى بدل لبنان المتحكّمة به مجموعة صغيرة تستحوذ على كل شيء ولا تترك شيء لشعبه”.