اسرائيل تعيش ارباكاً داخلياً ونتنياهو قلق
لم تعد فرضية ان يُطلق حزب الله طائراته المسيَّرة في الاجواء الفلسطينية المحتلة، مستبعَدة في الاوساط الاسرائيلية، اذا ذهبت الامور الى ابعد من تصد هنا لمسيَّرة اسرائيلية او هجوم صاروخي داخل مستوطنة حدودية، طالما ان عنوان المواجهة تتمحور حول المعادلة العسكرية التي ترسم مسار المواجهات المقبلة.
فثمة من يطرح من جنرالات الحرب الاسرائيليين سؤالا كبيرا، ترتسم حوله جملة من الترجيحات والفرضيات، حول ما اذا كان حزب الله سيصل مستقبلا، الى تسيير «رحلات قتالية» لطائراته المسيَّرة في الاجواء الفلسطينية المحتلة؟، وكيف سيتعامل قادة الاحتلال مع الارتقاء الذي وصل اليه حزب الله في مواجهته للعمليات العدوانية الاسرائيلية على لبنان؟، بعد ان نجح الحزب في طرح المعادلة التي رسمها السيد نصرالله بافتتاح زمن اسقاط المسيَّرات الاسرائيلية في الاجواء اللبنانية، وفق التوقيت الذي يراه الحزب انه يخدم معركته، ليزيد على الاسرائيليين المزيد من اعباء التي تُثقِل جبهتهم الشمالية المتاخمة لجنوب لبنان والجولان السوري، وفي مقدم هذه الاعباء،النقلة نوعية التي سطرتها المقاومة باطلاق النار على حوَّامة مسيّرة فوق بلدة راميا فجر الاثنين الماضي، واحدث ذلك ارباكا اسرائيليا وسط حفلة من التكهنات دارت في المجتمع الصهيوني، حول ما يمكن ان يكون في جعبة حزب الله من سيناريوهات المواجهة.
«سيكون عدوان تموز عام 2006 بالنسبة الى الاسرائيليين نزهة»، بحسب ما قال امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله قبل اعوام، بالاستناد الى لما يمكن ان يُعَدَّ لهم في الحرب المقبلة، قبل ان «تُفصِح» المقاومة عن امكانية التصدي للطائرات المسيَّرة، وقبل ان يصل حزب الله الى الامكانيات الصاروخية المتطورة التي ما يزال حجمها ونوعيتها مجهولة لدى الصديق والعدو، وتقول الاوساط، لم تكن مشكلة الاسرائيليين في تسعينيات القرن الماضي بصاروخ «الكاتيوشا» الذي يعود الى حقبة الحرب العالمية الثانية، وليس مشكلتهم اليوم مع صاروخ «الكورنيت» او «صائد الميركافا»، بل ان مشكلتهم الاساس تكمن في وجود مقاومة يديرها قائد صادق لا يُكذِّب على جمهوره وخبير في الحروب النفسية المؤثرة على الجمهور الاسرائيلي»، وفق ما اجمع محللون ومعلقون اسرائيليون الذين يرون رئيس حكومة العدو يعيش قلقاً، من جبهة الشمال على خط المواجهة مع حزب الله، ومن اليوم الانتخابي الذي سيختبر ثقة جمهور المستوطنين بمن استبدل فرق النخبة في جيش الاحتلال بدُمى!، ينشرها على طول الحدود، لحماية ضباطه وجنوده من الخطر القادم من الشمال.
وبرأي الاوساط نفسها، فان حزب الله لن يكون مُحرجا مع الداخل اللبناني، في معركته للدفاع عن الاجواء اللبنانية، كما كان الحال مع العدوان على الضاحية الجنوبية لبيروت، وان حضرت بقوة، الضغوطات الوافدة من عواصم مؤثرة، تسعى لـ«كبح جماح» حزب الله الذي بدا انه مُمسِك بموازين الحرب والسلم، ولن يكون الحزب حَمَلا وديعا في «حرب المسيَّرات» التي طغت مؤخرا على المشهد، وبالتالي، فانه لن يتوقف عند الضغوط التي اشار اليها السيد نصرالله في الخطاب العاشورائي الاخير، فلا مصلحة لاحد في ان تبقى الاجواء اللبنانية مستباحة امام العمليات الامنية الخاصة للاحتلال التي ينفذها في العمق اللبناني.
لن يزعم احدٌ ان حزب الله كرَّس معادلته والاحتلال سلَّم بها، وخطاب السيد نصرالله المفصلي في حياة حزب الله، اوحى ان الحزب ماض في وضع اسسها وهو قادر على تكريسها، طالما ان المرحلة تتسم باستهدافات اميركية واسرائيلية ساخنة وفائقة الخطورة للمنطقة، وبخاصة ايران وحزب الله واجنحة المقاومة الفلسطينية، لتمرير ما رُسم في «صفقة القرن»، تقول الاوساط، من هنا اكد السيد نصرالله على ان كل الخطوط الحمر تسقط حين يكون لبنان عرضة للعدوان، برا وبحرا وجوا، للوصول الى مرحلة تكون فيها السماء اللبنانية محرَّرة من اي استباحة اسرائيلية، كل ذلك من دون ان يكشف الحزب عن قدراته في الدفاع الجوي، ما يترك علامات استفهام اسرائيلية حول مصير الانتهاكات الجوية التي ينفذها الطيران الحربي في الاجواء اللبنانية، التي لن تٌكشف، فيما لو توفرت، الا في المنازلة الكبرى التي تحملها الحرب المقبلة.
الديار _ محمود زيات