مقالات

الرئيس المكلّف مستمرّ بالمناورة: لا حكومة قبل رحيل ترامب؟ حقيبتان من الحريري للقوات

لم يخرج لقاء أمس بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري بغير ما كان متوقعاً، نظراً الى الهوّة الواسعة التي تفصل بين موقفي الطرفين. على المنوال نفسه الذي اتبعه الحريري منذ تسميته سارت الأمور: بعد غياب، يلجأ الى الوساطات. يزور رئيس الجمهورية حاملاً تشكيلة مفخخة غير قابلة للحياة، ويُشيع أجواء إيجابية مخادعة. وحينَ «ينكشف» يعلّق التعطيل وتطيير «التفاهم» على شمّاعة جبران باسيل، ويتهم، كما نقلت مصادر وادي أبو جميل أمس، «وطاويط القصر بالتحرك ليلاً لتعكير الجو والإعداد لجولة جديدة من التعقيدات». هكذا، تراجع الرئيس المكلف أمس عن «عيدية الحكومة» التي وعد بها أول من أمس، في ما بات واضحاً أنه عملية شراء للوقت، تظهره راغباً في التأليف ومستميتاً في سبيله، فيما هو فعلياً ينتظر جلاء الصورة في واشنطن بعد التسليم والتسلّم بين إدارتي دونالد ترامب وجو بايدن، في الـ20 من الشهر المقبل. وهو لذلك «يختلق أعذاراً ويتمسّك بصورة غير منطقية بحقيبتي الداخلية والعدل معاً، ويحتكر تسمية الوزراء المحسوبين عليه من دون أي رغبة في إشراك الرئيس في الأسماء، ويصرّ على تسمية وزراء مسيحيين، ويشترط أن يوافق مسبقاً على الأسماء التي يطرحها رئيس الجمهورية»، وفق مصادر مطلعة على مفاوضات التأليف، مشيرة الى أن الأمر «لم يعد يتعلق بوحدة المعايير، بل في عدم وجود أيّ معايير للتأليف من أساسه».

في اللقاء الذي عُقد عصر الثلاثاء، كانَ الحريري حاسماً في رفضه «التنازل» عن حقيبتيْ الداخلية والعدل، عارضاً مكانهما وزارات خدماتية أخرى. وبما أن فرنسا تصرّ على أن «تسمّي» وزيري الطاقة والاتصالات، وأن وزارة الأشغال ستكون من حصّة الشيعة، اعتبر رئيس الجمهورية أن ما يعرضه الحريري لا يساوي ما سيحصل عليه هو، خصوصاً أن من بين الأسماء التي اقترحها الحريري لتولّي وزارتي الطاقة والاتصالات لبنانيين يحملان الجنسية الفرنسية وينتميان إلى حزب القوات اللبنانية! وهو الأمر الذي رفضه عون، مشيراً إلى عدم إمكانية إعطاء حزب من المعارضة وزيرين، فضلاً عن أن ذلِك يُعطي الحريري الثلث المعطلّ، علماً بأنه لا يملِك أكثرية نيابية. ومن بين السيناريوات التي تردّد أنها كانت موضع نقاش أيضاً، إعطاء 6 وزراء مسيحيين لعون، مقابل التفاهم على وزير مسيحي في الداخلية، على أن تكون الخارجية من حصّة الدروز.
رغم الجوّ المشحون، خرج الحريري مُصرّحاً بقرب ولادة الحكومة قبل عيد الميلاد، قبلَ أن يتّضح الموقف بعد اللقاء الثاني الذي جمعه أمس برئيس الجمهورية، بأن «لا حكومة». كلام الحريري بعد انتهاء اللقاء كانَ واضحاً في هذا الاتجاه، عازياً ذلك الى أسباب «معروفة». وعادَ الحريري الى نغمة قديمة بالحديث عن تأليف حكومة اختصاصيين، قائلاً: «ما حدا يخبركن إنو ما فينا نوقّف الانهيار. ولكن نحن نحتاج إلى حكومة من اختصاصيين كي نوقف هذا الانهيار»، وكأنه هو من خارج المنظومة السياسية. وشدّد على أن «الإسراع في تشكيل حكومة، هو الأساس. ونحتاج إلى أشخاص نستفيد منهم لمصلحة البلد. ربما نتأخّر في تشكيل الحكومة. وهذا الأمر يشكل ضغطاً على البلد. ولكن الرئيس عون وأنا حريصان على تشكيلها».

وتُشير مصادر مطلعة على لقاء أمس إلى أنه «كانَ مُخيّباً»، وأن الحريري كان «يعلم أن لا تقدّم سيحصل، وأن ما يطرحه لا يُمكن أن يلقى قبولاً عند عون»، خصوصاً أن «العقد الأساسية المتمثلة في حقيبتيْ الداخلية والعدل بقيت على حالها». وعلمت «الأخبار» من مصادر مطلعة على أجواء الاتصالات أن الحريري لا يزال يبعث برسائل غير مباشرة الى المعنيين بضرورة التدخل لدى باسيل «لكفّ يده عن ملف الحكومة». واختصرت المصادر حصيلة لقاء أمس بالقول: «عدنا الى المربّع الأول»، فبعدَما «كانَ البحث محصوراً بين الداخلية والعدل، أبلغ الحريري المعنيين أن عون عاد ليُطالب بالثلث المعطّل، أي الداخلية والعدل والطاقة والاتصالات والدفاع»، فيما رئيس الحكومة المكلف «ليس في وارد التنازل».
مصادر بعبدا استغربت الأجواء التي عمّمها فريق الحريري، مشدّدة على أن «الرئيس عون طرح منذ بداية البحث في موضوع تأليف الحكومة ضرورة توافر معايير واحدة في التأليف، في حين أن التشكيلة التي عرضها الحريري لم تكن تتوافر فيها هذه المعايير، ولا سيما من خلال التمسك مثلاً بوزارتي الداخلية والعدل اللتين لا يُمكن أن تكونا من حصة فريق واحد». وأكدت أن الرئيس عون لم يطرح حزبيين لتوزيرهم، بل إن الأسماء التي اقترحها هي مجموعة من الاختصاصيين والمستقلين الذين تتوافر فيهم الكفاءة والخبرة».

الكاتب: الأخبار

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى