لبنان

بعد سحب بري دعوته للحوار, هل ينجح لبنان في انتخاب الرئيس ومن يمكنه التدخل لمنع الفراغ؟

وسط انقسامات سياسية تنذر باستمرار الفراغ الرئاسي لفترة طويلة في لبنان، أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري العدول عن دعوته لعقد حوار وطني لحل أزمة رئاسة الجمهورية.
دعوة بري واجهت رفضًا من بعض الكتل النيابية، أهمها “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، وهم أكبر كتلتين مسيحيتين معنيتين بانتخاب الرئيس اللبناني، ما دفعه للاعتذار عن توجهه للحوار نتيجة هذه الاعتراضات.
وقال مراقبون إن الرفض المسيحي لدعوة بري، يأتي في ظل الرغبة في إعطاء الأولوية لانتخاب رئيس الجمهورية، لا سيما بعد فشل دعاوى الحوار التي أطلقها الرئيس عون قبل انتهاء ولايته.
سبب الإلغاء
اعتبر قاسم هاشم، عضو مجلس النواب اللبناني، أن إلغاء الرئيس نبيه بري دعوته للحوار جاء بعد أن كشفت بعض الكتل النيابية عن موقفها من الدعوة، حيث كان هناك إشارات سلبية من كتلتي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، هدف الرئيس بري لم يكون الحوار من أجل الحوار فقط كما يريده البعض، ولم يشمل أي محاولات تلاعب أو نوايا خبيثة، بل كانت هناك نية صافية خلف هذه الدعوة، تهدف إلى تقصير مدة الشغور الرئاسي، في وقت تحتم تركيبة وتوزيع الكتل النيابية في المجلس اللجوء إلى حوار تحت عنوان واحد وهو انتخاب رئيس الجمهورية.
وقال هاشم إن عون وجد المواقف الأخيرة للقوى السياسية لا تبشر بخير تجاه هذه الدعوة، فاتخذ قراره بالتراجع عنها، مع التأكيد على مباشرة دعوة المجلس النيابي لعقد جلسات انتخابية أسبوعية، لعل ذلك قد يساهم في إعادة فتح النقاشات بين الكتل النيابية للوصول إلى تفاهمات سريعة حول شخصية تحمل مواصفات جامعة وتكون قادرة على التواصل والحوار على المستوى الداخلي والخارجي من أجل تولي رئاسة الجمهورية.
وتابع: “الأيام القادمة ستكشف مدى إمكانية انتخاب الرئيس، ومع موعد كل جلسة هناك آمال معلقة للوصول إلى تفاهمات توفر على لبنان بعض التوترات والنتائج السلبية التي قد تحدث نتيجة استمرار هذا المناخ السياسي الحاد والمتوتر، والذي قد يخلف بعض الاهتزازات غير المرجوة في الوقت الراهن”.
تدخل دولي
من جانبه، قال داوود رمال، المحلل السياسي اللبناني، إن الرئيس نبيه بري سحب رغبته في الدعوة للحوار بين القوى والتكتلات النيابية، بعد أن قوبلت بشبه إجماع مسيحي وتحديدًا ماروني بالرفض، مؤكدين أن الأولوية الآن ليست للحوار بل لانتخاب رئيس جمهورية جديد، على قاعدة عدم تجاوب هذه الكتل مع دعوات الرئيس للحوار قبل تركه للسلطة.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، هذا الموقف المسيحي يأتي في ظل الوقائع الماضية التي تؤكد محاولات بعض القوى السياسية تعطيل إتمام الاستحقاق الرئاسي في مواعيده الدستورية، وأن الذهاب إلى حوار في ظل غياب رئيس الجمهورية هو تكريس لأمر واقع يرفضه المسيحيون ومن يتحالفون معهم.
وأكد أن رفض دعوة عون للحوار ليست مطلقة، وإنما في هذا التوقيت فقط، وهو ما شددت عليه كلمة البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظته الأخيرة والتي تزامنت مع مغادرة عون للقصر الرئاسي، مع رفضه فرض واقع سياسي خارج الدستور، مثل العودة للترويكا والتي تعني اجتماع رؤساء السلطات الثلاث ووضع جدول أعمال الوزراء والاتفاق على التعينات والمحاصصات وما إلى ذلك كما كان يحدث سابقًا.
ويرى رمال أنه في ظل الاستعصاء السياسي وتركيبة مجلس النواب التي لا يمكن أن تنتج حلولًا لأي من الاستحقاقات المطلوبة، حيث فشلت هذه التركيبة حكوميًا ورئاسيًا، يعول الكثير من اللبنانيين على بعض الدول الخارجية، لا سيما نفس التي نجحت في إنجاز اتفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع إسرائيل في حلحلة الوضع، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وإيران وفرنسا والمملكة العربية السعودية.
ويعتقد المحلل اللبناني أن هذه الدول يمكنها التدخل الآن من أجل صياغة تفاهم قد يؤدي إلى انتخاب الرئيس، فيما تشير المعلومات إلى أن التدخل الخارجي قد يبدأ بعد الانتخابات النصفية الأمريكية، بغض النظر عن نتائجها، وأن شخصًا ما قد يتولى إنجاز هذا الملف على غرار ملف ترسيم الحدود.
وانتهت ولاية الرئيس عون، في 31 أكتوبر/ تشرين الأول، ولم ينتخب أي مرشح جديد بعد أربع جولات غير حاسمة من التصويت النيابي، وبات كرسي رئاسة لبنان شاغرا.
من جانبه أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي في كتاب وجهه إلى رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، أن “الحكومة ستتابع القيام بواجباتها الدستورية كافة ومن بينها تصريف الأعمال وفق نصوص الدستور والأنظمة التي ترعى عملها وكيفية اتخاذ قراراتها والمنصوص عليها في الدستور وفي المرسوم رقم 2552 تاريخ 1/8/1992 وتعديلاته ما لم يكن لمجلس النواب رأي مخالف”.
ودعا رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري مجلس النواب، إلى الاجتماع يوم الخميس المقبل، من أجل انتخاب رئيس الجمهورية، وذلك بعدما فشلت عدة جلسات سابقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى