مقالات

اختطاف حسن جابر: «الخارجية» تُنذر إثيوبيا

أمهلت وزارة الخارجية والمغتربين، القنصلية الإثيوبية في بيروت، حتى الاثنين لتقديم معلومات عن اختفاء المواطن حسن جابر في مطار أديس أبابا، قبل اتخاذ إجراءات تصعيدية. فإثيوبيا لا تزال تتكتم على مصير الرجل، رافضةً التعاون مع لبنان والغابون، ما يطرح علامات استفهام عدّة حول القضية

الخطف ليس من «اختصاص» العصابات فقط، بل قد يأتي من طريق دولة وأجهزة رسمية. حصل ذلك في 8 أيلول، مع رجل الأعمال اللبناني حسن جابر (يعمل في الغابون)، فاختُطف من داخل مطار العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. يكاد اختفاء جابر يُتمّ أسبوعاً، من دون أن تقبل إثيوبيا الإفصاح عن مصيره. تفاصيل القضية كلّها مجهولة: أسباب الاختطاف، الجهة التي خطّطت ونفذت، مكان الرجل حالياً… قصته تُشبه قصصاً أخرى لرجال أعمال لبنانيين في إفريقيا وفرنسا والإمارات والسعودية وأميركا اللاتينية، ممّن وجدوا أنفسهم فجأة خلف القضبان. تُهمهم المُعلّبة غالباً ما تكون «التعامل مع حزب الله». يُصطادون في بلدان ثالثة، لمصلحة الولايات المتحدة الأميركية و«إسرائيل».

في حالة حسن جابر، الوضع «مختلف» قليلاً. إذ لم تصدر بحقّه بعد أي تهم، نظراً إلى عدم صدور بيان إثيوبي يشرح ما حصل، رغم المطالبات اللبنانية والغابونية بذلك. «التسريب» أتت من مكان آخر: كيان العدو. فقد نشرت مواقع إلكترونية إسرائيلية تقارير تُخبر فيها أنّ توقيف جابر أتى لأنّه مُتهم بالتعامل مع حزب الله. إلى ماذا استندت هذه الوسائل في اتهاماتها؟ ليس واضحاً. ولكنها نقلت أيضاً عن «وسائل إعلامية» أنّ عائلة جابر تتهم «الموساد» بالوقوف خلف العملية، في حين أنّ أهل الرجل كانوا يُصرون في الأيام الأولى على رفض اتهام جهة مُحدّدة. إلا أنّ الأداء الإسرائيلي إعلامياً، دفع العائلة إلى إبداء الشكّ في وجود دور لـ«الموساد» (راجع «الأخبار» عدد 12 أيلول 2019). وتؤكد مصادر العائلة أنّه «لا يوجد أمامنا إلا خياران. أن تكون الموساد مسؤولة عن اختطافه، لوجود تشابه أسماء أو غيره، أو لاعتقادهم أن لحسن علاقة بحزب الله. والخيار الثاني، أن يكون ضحية وشاية مُتضرّر منه ومن عمله».
الاثنين 9 أيلول، راسلت وزارة الخارجية والمغتربين، شفهياً، قنصلية إثيوبيا العامة في بيروت لمعرفة تفاصيل عن القصة، مع تأكدها، عبر دوائرها الإدارية، من أنّ المعنيين في القنصلية تسلموا الرسالة. إلا أنّ البعثة الإثيوبية اختارت الردّ بأسلوب «غير دبلوماسي»، عبر تجاهل رسالة «الخارجية»، مُتحججة بأنّها لم تتسلمها، «في محاولة لشراء الوقت، وعدم التعاون»، تقول مصادر دبلوماسية.

الإجراءات ستطال اليد العاملة الإثيوبية في لبنان وطلب عدم استخدام الخطوط الجوية الإثيوبية

وزارة الخارجية استدعت أمس القائم بالأعمال الإثيوبي، الوزير المفوض أكليلو تاتيري ويبي، الذي اجتمع برئيس الدائرة القنصلية المستشار جورج أبو زيد. مُمثل إثيوبيا لدى لبنان، لم يُدلِ بأي معلومات مُفيدة، فحمّلته الخارجية اللبنانية تحذيراً لدولته: «المطالبة بالمعطيات المتوافرة لدى السلطات الأمنية الإثيوبية، وبأجوبة واضحة عن هذا الموضوع، إلى يوم الاثنين القادم في حدّ أقصى، تحت طائلة اتخاذ تدابير مقابلة لضمان عدم تكرار هذه الحالة»، بحسب ما ورد في البيان الصادر عن «قصر بسترس». تُضيف مصادر دبلوماسية لـ«الأخبار» أنّه لُمِّح لأكليلو تاتيري ويبي إلى أنّ الإجراءات «ستطال إطلاق تحذيرات للجاليات اللبنانية، وطلب عدم استخدام الخطوط الجوية الإثيوبية، فضلاً عن إجراءات بحقّ اليد العاملة الإثيوبية في لبنان». إلا أنّ مُطلعين على القضية سجّلوا ملاحظة «في الشكل»، بأنّ اجتماع القائم بالأعمال الإثيوبي مع رئيس الدائرة القنصلية اللبنانية، وليس مع مدير الشؤون السياسية السفير غدي خوري، «يُترجم تعاطي الخارجية مع الموضوع بصفته أمراً إدارياً وليس سياسياً». في قصر بسترس المقاربة مختلفة، «نأخذ القضية على محمل الجدّ، ولكن إجراء يوم أمس شكّل الخطوة الأولى، ولا يُمكن أن نبدأ من رأس السلّم. إذا ما استدعى الأمر تصعيداً، سيكون هناك استدعاء للدبلوماسي الإثيوبي من قبل المراجع العليا في الوزارة».
متابعة اختطاف حسن جابر لا تنحصر بداخل لبنان. فالغابون أيضاً تقوم بجهود كبيرة، لمعرفة شيء عنه. أوقف جابر في إثيوبيا، التي كانت محطة عبور بين الغابون ولبنان، وكان يُسافر بجواز سفره الغابوني. هذا ما يُبرّر «استنفار» الدولة الإفريقية، التي تعتبر أنّها تُتابع مسألة تخصّ أحد مواطنيها. إضافة إلى عمل المسؤولين الغابونيين في إثيوبيا، استقبل أول من أمس، رئيس الوزراء ووزير الخارجية في الغابون، شقيق حسن جابر، رئيس الجالية اللبنانية في ليبرفيل، عماد جابر. أُبلغ الأخير أنّ الغابون بصدد إعداد ملف لتقديمه للسلطات الإثيوبية، للضغط من أجل الإفراج عن حسن جابر، بعد أن عجزت سفارة الغابون في إثيوبيا عن التوصّل إلى أي نتيجة.

الأخبار _ ليا القزي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى