ردّ عنيف من رئاسة الجمهورية على بري
صدر عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية ما يلي:
أمر لن نتوقف عنده في البيان الذي صدر عن الرئيس بري هو الأسلوب غير المألوف لدى دولته في التخاطب السياسي شكلاً ومضموناً.
ما يجدر التوقف عنده باستغراب، أن يلقى البيان الذي صدر بالأمس عن رئاسة الجمهورية ردة فعل غير متوقعة من الرئيس بري خصوصاً في ما يتعلق بموقع رئيس الجمهورية في التركيبة الوطنية التي تكرّست في وثيقة الوفاق الوطني، وما يرمز إليه من وحدة الوطن ودوره في السهر على احترام الدستور.
من المؤسف حقاً أن يتحدث الرئيس بري عن عدم حق رئيس الجمهورية بالحصول على وزير واحد في الحكومة مبرراً ذلك بعدم مشاركته في التصويت.
كأن البيان الصادر عن الرئيس بري أراد أن يؤكد ما بات مؤكداً بأن الهدف الحقيقي للحملات التي يتعرض لها رئيس الجمهورية هو تعطيل دوره في تكوين السلطة التنفيذية ومراقبة عملها مع السلطة التشريعية، وإقصاؤه بالفعل حيناً، وبالقول أحياناً، عن تحمل المسؤوليات التي القاها الدستور على عاتقه.
أن يفهم الرئيس بري من بيان الأمس بأن رئيس الجمهورية لا يريد المبادرة التي “وافق عليها الشرق والغرب” ولا يريد الرئيس الحريري رئيساً للحكومة ويبني على هذا النهج ما هو في رأيه حق أو غير حق، فإنه قمة الإنكار ومجافاة الحقيقة.
رئيس الجمهورية تجاوب مع إرادة مجلس النواب وتم تكليف الرئيس الحريري بتشكيل الحكومة بقرار صادر عنه بعد التغاضي عن الكثير من الاساءات والتعرض للرئاسة ولشخص الرئيس والصلاحيات… كل ذلك في سبيل تسهيل تشكيل الحكومة على الرغم من محاولة ابتكار أعراف دستورية جديدة.
لم يطالب رئيس الجمهورية بتسمية وزيرين اثنين زيادة على الوزراء الثمانية، كما لم يطالب بالثلث الضامن على رغم عدم وجود ما يمنع ذلك.
رئيس الجمهورية عمل جاهداً على تنفيذ المبادرة الفرنسية وتعاطى إيجاباً مع مسعى الرئيس بري بدليل أنه أرجأ الحوار الذي كان ينوي الدعوة إليه إفساحاً في المجال أمام دولته في النجاح بمسعاه وطالب مراراً الرئيس المكلف بأن يقدم تشكيلة تتمتع بالميثاقية وتحصّن الشراكة وتؤمّن ثقة مجلس النواب.
من المفيد أن يتذكر الرئيس بري أن “الكلمة المدوية” التي صدرت عن مجلس النواب أكدت على وجوب اتفاق رئيس الحكومة المكلف مع رئيس الجمهورية على تشكيل الحكومة وهو الأمر الذي لم يحصل رغم مرور أكثر من 8 أشهر على التكليف.
لم تكن هناك حاجة لبيان الرئيس بري للإدراك بأن ثمة من لم يغفر بعد لإستعادة الحضور والدور بعد سنين التنكيل والاقصاء منذ العام 1990 حتى العام 2005.
في أي حال، لا بد أن يدرك دولة الرئيس بري وغيره، أن رئيس الجمهورية يسعى بكل قوة إلى حل للأزمة الحكومية التي افتعلتها ممارسات باتت معروفة عند الجميع، وعقّدتها رغبات في تهميش دور رئيس الجمهورية والحد من صلاحياته ومسؤولياته، ولعل البيان الذي صدر اليوم خير دليل على ذلك.
الرئاسة تكتفي بما تقدم، تترفع عن الدخول في ما ورد من مغالطات في البيان وتسجل إيجابية وحيدة هي الرغبة في أن تبقى مبادرته مستمرة لتسهيل تشكيل الحكومة وإن كان البيان أسقط عن دولته صفة “الوسيط” الساعي لحلول وجعله وياللأسف طرفاً لا يستطيع أن يعطي لنفسه حق التحرك “باسم الشعب اللبناني”.
إن رئيس الجمهورية الذي يعيش معاناة الشعب، حريص على إنشاء سلطة إجرائية من خلال حكومة إنقاذية قادرة على تقديم حلول للأزمات المعيشية والحياتية التي باتت تشكل خطراً على حياة اللبنانيين وعيشهم.