مقالات

المحقق العدلي.. من الإرتياب المشروع إلى مشروع إرتياب؟!

كلما استأنف المحقق العدلي القاضي طارق البيطار عمله في ملف انفجار مرفأ بيروت، كلما كثرت علامات الاستفهام حول آدائه الذي يزداد استغرابا من قبل كتير من المتابعين الذين يجزمون ان الجدل الذي تسبب فيه البيطار حول قضية المرفأ والاخذ والرد والاتهامات والدعاوى وما ينقل عنه في الجلسات التي يعقدها مع اهالي الضحايا او اهالي الموقوفين، من المفترض ان يحول دون استمراره في هذا الملف، ما يجعل تنحيته امرا ضروريا، بعدما شكل عامل انقسام وتجاذب بين اللبنانيين.
لا شك في ان حصانة أي ملف قضائي تبقى في احاطته بالسرية التامة وابعاده عن التجاذبات وعن المحاباة وعن كل العالم الخارجي، وبالتالي فإن اي خرق لهذه الثوابت يفقده الثقة والمصداقية ويجعله عرضة للطعن.
لذلك فإن كثيرا من المتابعين يتحدثون اليوم عن “كوكتيل” القاضي البيطار والذي تختلط فيه العوامل القانونية والسياسية والكيدية والانفعالية والشخصية والاستعراضية والزعامية والاملائية سواء داخلية او خارجية، الامر الذي يجعل آداءه بعيدا عن المنطق ويحوله من ضحية للارتياب المشروع الى مشروع ارتياب.
ويتحدث هؤلاء عن تفاصيل صادمة في اللقاءات التي يعقدها البيطار مع الاهالي عموما، ما يطرح تساؤلات عن جدوى عقد مثل هذه اللقاءات طالما ان لكل الاهالي وكلاء من المحامين؟، وما هو الهدف او الجدوى منها خصوصا ان المحاباة والانتقام وجهان لعملة واحدة امام اي قضية وهما في كل الاحوال لا يحققان العدالة المنشودة؟!.
ويلاحظ هؤلاء تراجع عزيمة البيطار تجاه ملاحقة المتهمين من المسؤولين حيث لم يحدد مواعيد لجلسات ولَم يصدر بلاغات او مذكرات جديدة، باستثناء اعادة مذكرة توقيف المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل، ما ترك سلسلة علامات استفهام حول هذا التصرف خصوصا ان البيطار يدرك تماما ان هذه المذكرة هي لزوم ما لا يلزم، كونها غير قابلة للتنفيذ، وهي من شأنها ان تضاعف من التوتر السياسي القائم، فهل يتعاطى البيطار بكيدية ما تجعله مصرا على التمسك بهذه المذكرة؟ ام انه ينفذ اجندة سياسية معينة كما بدأ يتهمه البعض؟، وما هي مصلحة قاض في الدولة اللبنانية برتبة محقق عدلي ان يحرجها ويظهر ضعفها عبر الاصرار على اصدار مذكرة غير قابلة للتنفيذ؟.
تشير المعلومات الى ان اصرار القاضي بيطار على الاستمرار بهذا الآداء غير المتوازن ستجعل هذه القضية تراوح مكانها ولن تصل الى اي نتيجة، خصوصا وبحسب المعلومات ان المتضررين من آداء البيطار يستعدون لجولة جديدة من الحرب معه عبر تقديم جملة من الدعاوى الجديدة بين كف اليد والارتياب والمخاصمة وما الى ذلك، كما ان اربعة من الموقوفين هم بدري ضاهر وشفيق مرعي، حسن قريطم وحنا فارس قد لجأوا الى الامم المتحدة وتقدموا بشكوى بأنهم يتعرضون لتوقيف تعسفي وقد بدأت هذه الشكوى بالتفاعل من خلال بعض المنظمات، خصوصا ان عددا من اهالي الموقوفين تلقوا وعدا من القاضي البيطار بأنه سيبدأ بدرس طلبات اخلاء السبيل للموقوفين، علما ان هذه الطلبات مقدمة منذ اشهر وكان يفترض ان يدرسها ويبت بها على الفور، فلماذا كل هذا التأخير؟ ولمصلحة من؟.
يقول عدد من الحقوقيين: ان القاضي البيطار كان في بداية عمله اكثر اتزانا وموضوعية، وانه بدأ اليوم يقع في “المتشابهات” التي من شأنها ان تسيء الى هذه القضية الوطنية والانسانية.
ويلفت هؤلاء الى ان الظروف المعقدة المحيطة بملف المرفأ ستجعله يراوح مكانه ليتسبب بمزيد من تعطيل الحكومة وشل الدولة، ما يتطلب خطوة قضائية جريئة لايجاد مخرج يكون في مصلحة العدالة واحقاق الحق بعيدا عن اية عناصر اخرى..

سفير الشمال _ غسان ريفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى