لبنان

لا تعيينات في “الجمارك”… بانتظار انتهاء “التّناتش” السياسي

كتبت لينا فخر الدين في الأخبار: 

يبدو أنّ اندفاعة العهد الجديد لسدّ الشواغر في الإدارات العامة، اصطدمت بـ«حائط سميك»، لدى وصولها إلى المديرية العامة للجمارك. ومن غير المنتظر حلّ هذه العُقدة قريباً، بعدما اشتدّت الخلافات بين القوى السياسية حول الحصص والأسماء، والتي تكاد أن تُطيِّر الأسماء التي سُوِّق سابقاً أنه تمّ الاتفاق عليها.

ينطبق ذلك على رئيس فرع الإعلام في مخابرات الجيش، العميد مصباح خليل، الذي تراجعت أسهمه فجأة، بعدما كان مؤكّداً تعيينه رئيساً للمجلس الأعلى للجمارك، ولا سيّما أنه شكّل تقاطعاً سياسياً يبدأ من بعبدا، ولا ينتهي في عين التينة، على اعتبار أنه واحد من أكفأ الأسماء المطروحة ولا شبهات في مسيرته المهنية، كما أنه منفتح على جميع القوى السياسية. وبُرّر التراجع عن التوافق على اسمه، بعدم إمكانية تعيين رئيس للمجلس الأعلى، لم يخضع لامتحانات مجلس الخدمة المدنية، بحسب ما ينصّ قانون المحاسبة، وهو ما يجعل تعيينه مستحيلاً من دون تعديل قانوني في مجلس النواب.

في المقابل، يرى آخرون أنّ هذا «التغليف القانوني» الذي يُمكن القفز عنه بسهولة عبر عدّة حلول، يُخفِي «فيتو» خارجياً، وتحديداً أميركياً، على اسم خليل. وهو ما تبدّى في محاولة وزير المالية ياسين جابر، طرح اسم ريما مكي، المقرّبة منه، رغم علامات الاستفهام حول إمكانية تسلّمها مهام رئاسة المجلس، كونها موظفة فئة ثالثة وليست فئة ثانية.

وعليه، لا يستبعد المتابعون أن يكون على لائحة جابر اسم آخر هو عماد سعد، الموظف في الجمارك، والذي أصبح في الأيام الأخيرة المرشّح الأوفر حظّاً، بعدما تردّد أنه يحظى بدعم رئيس مجلس النواب نبيه بري. إلّا أنّ بعض القوى جاهرت برفضها «حمل» تعيينه، لارتباط اسمه بعدد من القضايا، منها امتلاكه شركات تجارية تعمل ضمن نطاق الجمارك، واتّهامه بالإهمال الوظيفي الذي أدّى إلى تهريب معدّات باهظة الثمن متعلّقة بالإنترنت غير الشرعي، من دون دفع الرسوم الجمركية.

كذلك يُطرح اسم سامر ضيّا، وهو رئيس مصلحة المطار ومدير إقليمي بالوكالة في الجمارك، ومقرّب من «الثنائي الشيعي»، علماً أنّ أسهمه ارتفعت في الساعات الأخيرة. فيما يعد جهاد فاعور الأقلّ حظّاً.

كباش ماروني

وإذا كان الكباش على المركز الشيعي محتدماً، فإنّ النزاع على منصب المدير العام للجمارك (المركز الماروني) أكثر احتداماً. إذ تتمسّك «القوات اللبنانية» بعدد من المرشحين الذين يرفضهم القصر الجمهوري، علماً أنّ المعطيات تشير إلى احتمال التوصّل إلى تسوية تقضي بتقاسم منصبَي المدير العام وعضو المجلس الأعلى للجمارك، في حال تمّ إقصاء العضو الحالي غراسيا القزي، الملاحقة قضائيّاً بملف الإثراء غير المشروع، مع الإشارة إلى أنّ وزارة المالية لم تُبلِّغ بوقفها عن العمل.

وبعد استبعاد اسم المدير في مجلس النواب هادي عفيف، لاعتراض «القوات» عليه، إذ تعتبره مقرّباً من بري، يُطرح اسمَا سعيد لحود من قبل «القوات» وفادي بو غاريوس من قبل القصر الجمهوري، علماً أن الأخير ليس بعيداً عن «القوات» أيضاً. ويتردّد أنه زار بعبدا قبل أسابيع وتبلّغ بتبنّي القصر لاسمه، ما أدّى إلى استياء «معراب». ويبرز، في خضمّ ذلك، خيار القفز عن هذا الكباش بالإبقاء على المدير الحالي بالوكالة ريمون خوري، كما يجري التداول بأسماء جوزيف القزح وشربل خليل المقرّبَين من «القوات»، لعضوية المجلس الأعلى في حال استُبدلت القزي، فيما يحاول القزح، طرح اسمه كمدير عام.
ومع ذلك، فإنّ السيناريو الأكثر ترجيحاً، بحسب المصادر، هو تعيين خليل أو بو غاريوس في المجلس الأعلى، ولحود، مديراً عاماً.

المركز السنّي: فوضى أسماء

أمّا على صعيد العضو السُّني في المجلس الأعلى، فالمشهد أكثر تعقيداً، نتيجة للفوضى في طرح الأسماء، وغياب أي انخراط جدّي من القوى السنّية، وابتعاد رئيس الحكومة نواف سلام – ربما لأنّ معظم المرشحين من إقليم الخروب.

ورغم أنّ تيار المستقبل، «يشدُّ» بأحد المرشحين من تحت الطاولة، فإنّ الحزب التقدمي الاشتراكي، يبدو هو الآخر حاضراً بقوة على الطاولة. ومن أبرز الأسماء المطروحة:

– وسام الغوش، مصلحة المراقبة في المديرية وعضو المجلس الأعلى بالإنابة، مكان العضو هاني الحاج شحادة، الموقوف في قضية انفجار المرفأ. ورغم اعتبار البعض أنها من أكثر المرشّحات حظّاً، يرى آخرون أنها نالت عقوبة تأديبية قاسية (10 أيام)، ما يجعل تعيينها شبه مستحيلد.

– وسام الرواس (من طرابلس)، المطروح من قبل شخصيات طرابلسية مقرّبة من الوزير السابق فيصل كرامي، وجمعية المشاريع، لكن تعيينه يواجه إشكالية قانونية، كونه متّهماً في قضية إثراء غير مشروع أمام القاضي بلال حلاوي الذي لم يصدر القرار الظنّي بعد.
– هيثم إبراهيم، رئيس مصلحة بيروت في الجمارك، ويُعدّ الأوفر حظّاً، خصوصاً بعد تبنّيه من قبل «الاشتراكي»، فيما ترفض بعض القوى تحمّل وزرَ ترشيحه لارتباط اسمه ببعض الملفات.

– لؤي الحاج شحادة، مدير الواردات في وزارة المالية، الذي يحظى اسمه بتقاطع سياسي على اعتبار أنه من أكفأ المطروحين. لكنّ البعض يتحفّظ على تعيينه لاقتراب موعد تقاعده (بعد نحو سنة وشهرين)،.

– هاني الحاج شحادة، العضو السابق في المجلس، الذي يُطرح اسمه مجدّداً، رغم وجود «فيتو» سياسي عليه بسبب ارتباط اسمه بقضية انفجار المرفأ. إلا أنّ البعض لا يستبعد إمكانية عودته.

– محمود مسعود، الموظف في الجمارك، الذي تُحاول بعض القوى طرح اسمه، باعتبار ألّا شبهات حوله. ويشير البعض إلى أنه في حال لم يُعيّن في المجلس الأعلى، سيتولّى رئاسة إقليم بيروت في الجمارك (منصب سنّي)، بتقاطع سنّي وموافقة من القصر الجمهوري.
إلى ذلك، يُتوقّع الإبقاء على زاهر أبي غانم، في رئاسة إقليم البقاع، التي تُعدّ أعلى منصب درزي في الجمارك.

تطلعٌ سنّي لاستعادة «مراكز الطائفة»

على صعيد آخر، ينتظر عدد من موظفي الجمارك، من الطائفة السنّية، صدور مرسوم التعيينات لتصحيح الخلل الطائفي الحاصل في المديرية، إذ فقدَ السُّنّة في أثناء السنوات الأخيرة العديد من المراكز التي كانت تاريخياً من حصّتهم. ومن أبرز المراكز التي يتطلّعون إلى استعادتها:
– المدير الإقليمي (يشغله شيعي)
– رئيس شؤون المعاينة في مرفأ بيروت (يشغله شيعي)
– رئيس دائرة المحاسبة (تشغله موظفة مسيحية من رتبة مراقب خلافاً للقانون)
– الضابط المراقب (يشغله شيعي)
– رئيس ضابطة طرابلس (يشغله مسيحي)
– رئيس المعاينة في المطار (يشغله درزي)
ويضاف إلى ذلك دائرة طرابلس، التي يشغلها موظف سنّي، برتبة مراقب فقط، خلافاً للقانون، فيما يفتقد المرفأ إلى رئيسَي معاينة، إذ يشغل المنصب موظف سنّي واحد، بدلاً من اثنين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى