لبنان

الديار: الترسيم مع قبرص يتطلّب التفاهم مع سوريا… والوزارات المعنيّة تتواصل معها لإنهائه

كتبت الديار:

يريد لبنان ترسيم الحدود البحرية مع قبرص وسوريا، بعد أن أنجز إتفاقية الترسيم البحري مع العدو الإسرائيلي، وقد سُمح له بدء عمله في حقل “كاريش” مقابل عودة شركة “توتال” الفرنسية للعمل في البلوك 9 في المنطقة البحرية التابعة للبنان.

ولذلك لا بدّ من إعادة مناقشة النقاط الخلافية التي كانت عالقة بينه وبين قبرص، والتي أفضت الى اتفاقية في العام 2007 إلّا أنّها لم تُبرم.

غير أنّه لا يُمكن إنهاء الملف مع قبرص إلّا بعد التفاهم مع سوريا على النقطة الحدودية، ولهذا طلب لبنان التواصل معها للتوافق على النقاط العالقة، الأمر الذي يسمح لكلّ من الدول الثلاث القيام بعمليات التنقيب والإستخراج من دون أي مشاكل.

مصادر سياسية مطّلعة أكّدت أنّه من مصلحة لبنان تسريع المفاوضات مع قبرص وسوريا، لكي يتمكّن من إطلاق دورة التراخيص الثانية، من دون أي مخاوف أو قلق قد يُعيق مشاركة شركات النفط الدولية في المناقصة، كونها تتردّد في الإستثمار في بقعة بحرية تسودها الخلافات الحدودية. فبعد أن حدّد لبنان الخط 23 لحدوده البحرية الجنوبية، عليه تحديد النقاط مع قبرص، سيما وأنّ الإتفاق القائم كان يعتمد على الخط 1 الذي جرى تحديده عن طريق الخطأ في العام 2007، وسارع العدو الإسرائيلي للإستفادة منه فوقّع مع قبرص إتفاقية ترسيم الحدود في مياههما الإقتصادية الخالصة في العام 2010، غير أنّه لم يتمّ توقيع أي إتفاق لترتيب التطوير التجاري لاحتياطات الغاز.

ولأنّ الدول الأوروبية تحتاج اليوم الى سدّ حاجتها من النفط والغاز، على ما أضافت المصادر، والى تأمين نحو 100 مليار متر مكعّب من غاز شرقي المتوسّط، للتعويض عن الغاز الروسي وضربه، سارع “الإسرائيلي” الى الإتفاق مع لبنان من جهة، كما يسعى الى الإتفاق مع قبرص لحلّ الخلاف بينهما الذي استمرّ عقداً على حقل غاز طبيعي يحتوي على 10 أو 12 مليار متر مكعّب يشمل حقل “أ فروديت” القبرصي، و”يشاي” الفلسطيني المحتل في المنطقة الحدودية بينهما.

وكانت مُنحت الشركات العاملة في آذار من العام الماضي (2021) عاماً لإجراء مفاوضات أو إحالة الأمر على خبراء دوليين إذا لزم الأمر، لكنها لم تسفر عن نتائج إيجابية. ولهذا لا بدّ للبنان أيضاً أن يبدأ عمليات التنقيب والإستخراج في حقل “قانا” ليتمكّن من الإنضمام الى الدول التي تورّد ثروتها النفطية الى القارّة الأوروبية.

وبناء عليه، ستقوم الوزارات المعنية في حكومة تصريف الأعمال، على ما عقّبت المصادر نفسها، لا سيما “الطاقة والمياه” و”الأشغال العامّة والنقل”، أو أي وزير أو موفد من لبنان بالتواصل مع سوريا من أجل التفاهم معها، قبل إنهاء الإتفاق مع قبرص، لكي يكون لبنان جاهزاً خلال المرحلة المقبلة لتصدير الغاز والنفط. فمجلس النوّاب اعطى أخيراً موافقته على استكمال الحكومة الحالية تصريف الأعمال وفق النصوص الدستورية، وهذا يعني أنّه بإمكان الوزراء المعنيين متابعة مهامهم، وبالتالي التواصل مع كلّ من نظرائهم في قبرص وسوريا من أجل إنجاز هذا الأمر، ريثما يجري التوافق على انتخاب رئيس الجمهورية الجديد، فلا يُمكن هدر الوقت سدى في انتظار التوافق الداخلي والتسوية الخارجية.

وكشفت المصادر أنّ حقول الغاز في المنطقة من المصرية (حقلا “ظُهر 1″ و”ظُهر 2” يُنتجان نحو 18 مليار متر مكعب)، الى “الإسرائيلية” (“كاريش” و”ليفياثان” و”تمار” وسواها)، فضلاً عن حقلي “مارين 1″ و”مارين 2” في غزّة، تستطيع أن تؤمّن جميعها نحو 70 مليار متر مكعّب في السنوات المقبلة، ما يجعل الدول الأوروبية بحاجة أيضاً الى 30 مليار متر مكعب. ولهذا تسعى للحصول عليها من بعض الدول الأخرى مثل الجزائر، والنروج، ونيجيريا، وانغولا والكونغو. كما وأنّها تنوي استبدال الغاز الروسي بنسبة 100 في المئة في حال ضمنت واردات إضافية، الأمر الذي يجعل نفط وغاز لبنان وجهة أساسية لها خلال السنوات المقبلة في حال بدأت “توتال” عملها في حقل “قانا” في مطلع العام المقبل (2023)، ووفت بكامل وعودها فيما يتعلق بالعائدات المالية للبنان من هذا الحقل.

وأوضحت المصادر عينها، بأنّ معركة الغاز الروسي لن تستطيع أوروبا التحرّر منها قبل 5 سنوات على الأقلّ، وهي مدّة كافية للبنان بعد إنجاز إتفاقية الترسيم مع العدو الإسرائيلي لكي تبدأ الشركات الدولية عملها في حقوله البحرية، شرط عدم المماطلة وتأجيل بدء اعمال التنقيب والإستخراج لسبب او لآخر. فشركة “توتال” الفرنسية تعقد الإتفاقيات في دول عدّة في العالم للحصول على الغاز والنفط، وتحقيق الأرباح بالدرجة الأولى، غير أنّها في الوقت نفسه يهمّها تغذية الدول الأوروبية بهذه المواد وتنويع مصادر ومسارات الطاقة الى أوروبا وضرب الغاز الروسي.

وتخشى المصادر أن يُشكّل التواصل مع سوريا عقبة دون إتمام الإتفاقية مع قبرص، لا سيما وأنّ ما حصل أخيراً بعد التوافق على اللقاء بين المعنيين من البلدين لم يحصل لأسباب لم تُعرف حقيقتها. وقد ذهب البعض الى القول بأنّ دمشق ترفض الترسيم مع لبنان حالياً قبل إيجاد الحلّ لمشكلتها مع سائر الدول العربية، وربّما الى ما بعد عودتها الى مقعدها في جامعة الدول العربية. علماً بأنّها لم ترغب بمناقشة هذه العودة خلال قمّة الجزائر التي عُقدت في 1 و2 تشرين الثاني الجاري.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى