لبنان

التحضيرات لزيارة ميقاتي إلى المملكة على نار حامية

تكشف مصادر نيابية مطّلعة، أن مشهد التأزّم السياسي الداخلي، والذي يترجم على المستوى المالي بارتفاع جنوني لسعر الدولار في السوق السوداء، لا يلغي مفاعيل المبادرة الرئاسية الفرنسية التي انطلقت مع زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى جدة، وجولته في عواصم الخليج، حيث إن مفاعيل هذه الزيارة امتدّت بسرعة إلى الساحة اللبنانية، وكانت ترجمتها من خلال التحرّك الذي يقوم به موفد ماكرون السفير بيار دوكان في بيروت، والذي يستمرّ حتى يوم الأربعاء، وتؤكد هذه المصادر، أن التطورات الدراماتيكية التي حصلت في الأيام القليلة الماضية، بعد اللقاء الأخير بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حملت مؤشّرات بالغة السلبية والخطورة، ولكنها لم تؤدِّ إلى التخفيف من وطأة الانعكاسات المسجّلة للمبادرة الفرنسية على المشهد السياسي العام على الساحة الداخلية اللبنانية.
وبالنسبة إلى مضمون هذه المبادرة، توضح المصادر النيابية، انه لا يقتصر فقط على تحسين أجواء العلاقات اللبنانية ـ الخليجية، بل يتخطّى ذلك إلى محاولة واضحة من قبل إدارة الرئيس ماكرون، للدخول مجدّداً إلى الميدان السياسي اللبناني من خلال مواكبة محطات عملية التفاوض الجارية بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، من خلال آلية تدفع باتجاه تسريع موعد إنجاز التفاهم بين لبنان والصندوق على برنامج تمويل، وبالتالي، إطلاق عجلة الإصلاحات على كل الأصعدة، كون هذا الأمر ضروريا وملحّا من أجل انعقاد مؤتمر دعم للبنان برعاية فرنسية.
وفي حين يضغط الوقت بقوة على هذا الواقع، سواء لأسباب واعتبارات لبنانية متّصلة بالانهيار المتسارع، وفرنسية مرتبطة بانطلاقة الحملات الرئاسية في فرنسا، فإن المصادر النيابية نفسها، تتحدّث عن تقاطع في الأهداف ما بين باريس والحكومة اللبنانية على وجه التحديد، كون عودة الحياة إلى العمل الحكومي هي خطوة ضرورية، واختصار المسافة الفاصلة عن تحقيق الإنجازات، سواء بالنسبة لماكرون، أو بالنسبة لميقاتي، وخصوصاً أن المبادرة الفرنسية قد وضعت التحضيرات لزيارة ميقاتي إلى المملكة على نار حامية، مما بات يستدعي تحرّكاً محلياً لجهة معاودة الحكومة لجلساتها الوزارية، وذلك تمهيداً للاتفاق بين كل القوى السياسية والحزبية المكوّنة للحكومة على مقاربة واحدة لملف العلاقات مع دول الخليج العربي، ولا سيما مع الممكلة العربية السعودية.
واستناداً إلى الأجواء الأخيرة على خط اجتماعات مجلس الوزراء، فإن المشهد لا يزال ضبابياً، ويميل إلى السوداوية حتى، وذلك على حدّ قول المصادر النيابية ذاتها، والتي ترى أن غياب التشاور بين الأطراف المعنية بالتحضير لجلسة وشيكة وتفاهم سياسي شامل، هو السبب المباشر وراء التأزيم الحالي، وغياب المخارج المطلوبة لحلّ المشاكل ضمن الأطر الدستورية المتوافرة.
في المقابل، تؤكد المصادر عينها، أن الوضع السياسي والمالي الداخلي لم يعد يحتمل تجميد عمل الحكومة على هذا النحو، مشيرة إلى أن الاستمرار في اعتماد سياسة «عضّ الأصابع»، ينعكس بشكل كارثي على واقع اللبنانيين جميعاً، والذين باتوا أمام الحائط المسدود، في حين أنهم يتفرّجون على الانحدار الدرامتيكي لأوضاعهم المعيشية، على الرغم من كل المبادرات والجهود التي قامت بها باريس وما زالت لإيجاد تفاهم، ولو بالحدّ الأدنى، بين القوى السياسية المحلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى